طبول الحرب تُقرع في واشنطن لأول مرة تحت قيادة ترامب
تقترب الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب من اتخاذ أخطر قرار استراتيجي في ولايتيه، مع تصاعد احتمالات توجيه ضربة عسكرية مباشرة لمنشآت إيران النووية، وفي مقدمتها منشأة "فوردو" شديدة التحصين، وسط مؤشرات متسارعة على استعدادات عسكرية أميركية متزايدة في الشرق الأوسط.
وتزامناً مع تزايد الحديث عن سيناريو الحرب، أفادت وكالة رويترز نقلاً عن مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية أن الجيش الأميركي يواصل نقل تعزيزات من المقاتلات إلى المنطقة، تشمل طرازات متقدمة من "إف-16"، و"إف-22"، و"إف-35"، في حين تواصل قاذفات "بي-52" المتمركزة في قاعدة دييغو غارسيا بالمحيط الهندي الاستعداد لخيارات هجومية أعمق في حال انهيار المسار الدبلوماسي مع طهران.
وفيما يراقب العالم هذه التحركات بقلق، تواصل إسرائيل، من خلال أصدقائها في دوائر صنع القرار الأميركي، الدفع باتجاه تدخل أميركي مباشر يعزز العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة ضد أهداف إيرانية. وفي هذا السياق، يبرز السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، الحليف المقرب من ترامب، كأحد أبرز الداعمين لهذا الخيار الحاسم.
في المقابل، عبّر عدد من الخبراء والمراقبين عن مخاوف جدية من انزلاق الولايات المتحدة إلى مستنقع حرب جديدة في الشرق الأوسط يصعب التكهن بمآلاتها، خاصة مع الفشل التاريخي لتجارب التدخل العسكري الأميركي في المنطقة خلال العقود الماضية.
وأثار قرار ترامب المفاجئ بمغادرة قمة مجموعة السبع مبكراً من كندا، للتفرغ لمتابعة التصعيد مع إيران، المزيد من التكهنات حول مدى قرب اتخاذ القرار النهائي. وقال ترامب حينها "هناك أشياء كبيرة تحدث الآن، ويتفهم الجميع هنا سبب عودتي المبكرة".
وعقب مغادرته عقد ترامب اجتماعاً مغلقاً في غرفة العمليات مع كبار مستشاريه للأمن القومي، بمشاركة وزير الخارجية ماركو روبيو، ونائب الرئيس جيه دي فانس، ورئيس هيئة الأركان الجنرال دان كين، لتقييم خيارات التدخل العسكري.
وفي تصريحات مثيرة نشرها على منصته "تروث سوشيال"، قال ترامب: "نعرف تماماً أين يختبئ المرشد الأعلى في إيران... هدف سهل، لكننا لن نستهدفه حالياً"، مشيراً في الوقت ذاته إلى امتلاك واشنطن "سيطرة جوية كاملة على سماء إيران"، مطالباً طهران بـ"استسلام غير مشروط".
وبرغم هذا التصعيد، لم تبادر إيران حتى الآن إلى استهداف القوات أو المنشآت الأميركية بشكل مباشر، وهو ما يراه مراقبون مؤشراً على رغبة طهران في تجنب استفزاز واشنطن، بينما يزداد القلق داخل الولايات المتحدة من احتمالات تدحرج الموقف إلى مواجهة شاملة.
من جانبه، يرى الدكتور جودت بهجت، المحاضر في مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا بجامعة الدفاع الوطني الأميركية، أن واشنطن بالفعل منخرطة بشكل عميق في دعم العمليات العسكرية الإسرائيلية، عبر التنسيق الاستخباراتي والدعم التقني والدفاعي المتقدم، محذراً من أن استهداف إيران لأي مصالح أميركية في الخليج قد يدفع نحو انخراط عسكري أوسع وأكثر علانية.
وفيما تدفع إسرائيل باتجاه الضربة، ترى صحيفة وول ستريت جورنال، القريبة من الدوائر المحافظة في الحزب الجمهوري، أن الوقت قد حان كي تتدخل واشنطن لإنهاء البرنامج النووي الإيراني بشكل نهائي، مشيرة إلى أن القدرات الإسرائيلية وحدها غير كافية لتدمير منشأة فوردو شديدة التحصين، التي تتطلب قنابل خارقة للتحصينات وقاذفات ثقيلة تمتلكها فقط الولايات المتحدة.
ورداً على الانتقادات التي تواجهه من داخل تيار "أميركا أولاً"، أكد ترامب: "أنا من طوّرت هذا المبدأ، وأنا من يحدد اليوم معناه"، في إشارة إلى أنه يرى أن ضرب إيران يصب في مصلحة الأمن القومي الأميركي رغم الشعار التقليدي الرافض للحروب الخارجية.
ويبقى القرار النهائي بيد ترامب، الذي يدرك أن أي مغامرة عسكرية جديدة قد تعيد رسم موازين القوى في الشرق الأوسط، وتحدد مستقبل البرنامج النووي الإيراني، ومكانة الولايات المتحدة في النظام الدولي، بشكل لا يمكن التكهن بعواقبه بدقة في هذه المرحلة الحساسة.
برنامج اليمن الكبير الحلقة الثانية : "عاصمة الروح" .. صنعاء
التعليقات