برنامج : اليمن الكبير : تعز أيقونة الثورة والحرية والنضال

من الزايدي الى هشام شرف.. ما وراء هذا التسرب الصامت لقيادات الحوثي؟
في مؤشر يعكس حجم الأزمة العميقة داخل الجماعة الحوثية، تشهد العاصمة صنعاء ومناطق نفوذ الجماعة حراكًا خفيًا ومتصاعدًا لفرار قياداتها السياسية والعسكرية، وسط حالة من الترقب والتوجس والانهيار المعنوي الذي بدأ يتسلل إلى قمة هرم السلطة غير المعترف بها.

الوقائع الأخيرة، التي بدت للوهلة الأولى متفرقة، تتكشّف اليوم كخيوط مترابطة لحالة انهيار داخلي حقيقي. القيادي الأمني البارز محمد أحمد الزايدي، ضُبط أثناء محاولته مغادرة البلاد عبر منفذ صرفيت الحدودي بمحافظة المهرة، بعد رصد تحركاته ومحاولة عبوره بجواز دبلوماسي مزيف صادِر عن سلطة الحوثيين في صنعاء.

لم تكن محاولة الزايدي الأولى، لكن توقيتها وحده يكفي لتسليط الضوء على حجم الفوضى والارتباك في غرف قيادة الجماعة، إذ أن فرار شخصية محسوبة على الجهاز الأمني لا يمكن عزله عن حجم التصدع الذي بات يهدد تماسك الجماعة، ولا عن الشكوك المتنامية داخل صفوفها بشأن جدوى استمرار المشروع الحوثي أمام حصار إقليمي وضربات عسكرية متصاعدة.

في الاتجاه الجنوبي، وعلى نحو متزامن، وصل هشام شرف عبد الله، وزير الخارجية السابق في حكومة الحوثيين، إلى مطار عدن الدولي قادمًا من الخارج. ورغم التكتم الرسمي على حيثيات عودته، إلا أن ظهوره في مناطق الشرعية، بعيدًا عن صنعاء، لا يمكن اعتباره مجرد تحرك فردي، بل خطوة سياسية محسوبة تحمل دلالات عميقة على تبدّل الولاءات وانهيار منظومة كانت حتى وقت قريب تتحدث بثقة عن "ثبات الجبهة الداخلية".

بين محاولة تسلل الزايدي وانتقال شرف العلني، تتكشّف صورة واحدة: قيادات حوثية تقف على عتبة الانفصال النفسي والسياسي عن الجماعة، وتتحسس طريقها بعيدًا عن صنعاء في ظل ما يشبه اليقين بأن مشروع الجماعة يترنح تحت وطأة الانهيارات الداخلية والخنق العسكري والدبلوماسي الخارجي.

ما يُقرأ اليوم كتحرك فردي من هذا القيادي أو ذاك، قد لا يكون إلا بداية لهروب جماعي صامت من مركب يتجه نحو الغرق. حالة من الهلع السياسي بدأت تتسلل إلى صفوف من اعتقدوا لسنوات أنهم محصّنون داخل هيكل سلطوي مغلق، فإذا بهم يبحثون عن مخرج آمن في اللحظات الأخيرة.

المشهد اليمني لا يعيش فقط على وقع هدنة هشة ومفاوضات بطيئة، بل على وقع تصدع داخلي تتسارع وتيرته داخل صنعاء نفسها، حيث تتزايد مؤشرات التفكك وتراجُع الثقة داخل نواة القيادة الحوثية، في ظل شواهد ميدانية متكررة تؤكد أن الجماعة لم تعد كتلة واحدة، بل أطرافًا تتناثر مع اقتراب ساعة الحقيقة.

تسريبات استخباراتية، وتحليلات دبلوماسية، وتصريحات غير رسمية كلها باتت تتقاطع عند نقطة واحدة: القيادات الحوثية باتت تتحرك فرادى، إما في محاولات فرار عبر المنافذ، أو في تحوّلات سياسية صامتة تُمهّد للخروج من المشهد قبل أن يُغلق تمامًا.

ما يدور الآن لا يشير فقط إلى انهيار هيكلي وشيك، بل إلى تشكّل بيئة جديدة، قد تُفتح فيها ملفات المحاسبة، ويُعاد فيها رسم المشهد السياسي في اليمن دون "الثقل الحوثي" الذي عاش على أوهام السيطرة الكاملة طوال سنوات الحرب.



اليمن الكبير|| مأرب التاريخ والعراقة (الجزء الأول)



أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


أخبار مميزة

مساحة اعلانية

اليمن الكبير || “سقطرى جزيرة الدهشة”



وسيبقى نبض قلبي يمنيا