برنامج : اليمن الكبير : تعز أيقونة الثورة والحرية والنضال

الانتقالي الجنوبي يعيد ترتيب صفوفه: محاولة متأخرة لترميم صورة متآكلة

أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي، الخميس، عن إعادة تشكيل أمانته العامة وتوزيع المهام داخل هيئاته القيادية، في خطوة تبدو أقرب إلى تحرك رمزي يفتقر للفاعلية، في ظل التآكل المتزايد في قاعدته الشعبية، وتراجع قدرته على إدارة المناطق التي يهيمن عليها أمنيًا.

القرارات التي شملت تعيينات في مواقع تنظيمية مثل الشؤون السياسية والإعلام والمرأة والطفل، لا تعكس ديناميكية سياسية حقيقية، بقدر ما تعكس أزمة داخلية تتعلق بتآكل الشرعية الاجتماعية للمجلس، وعجزه عن معالجة أبسط ملفات الحياة اليومية في الجنوب، كالكهرباء والمياه والأمن.

وفي السنوات الأخيرة، ورغم الدعم العسكري والسياسي الذي حصل عليه من أطراف إقليمية، لم يتمكن المجلس من التحول إلى سلطة ذات فعالية أو احتضان جماهيري واسع. بل على العكس، تزايدت الانتقادات الموجهة إليه من قطاعات شعبية جنوبية، تتهمه بالفشل في توفير الخدمات وتغذية الانقسامات الداخلية، بل وأحيانًا بممارسة الإقصاء بحق خصومه السياسيين من الجنوبيين أنفسهم.

ومن اللافت أن التشكيل الجديد خلا من أسماء محسوبة على قوى جنوبية خارج الدائرة الضيقة للمجلس، مما يعزز الانطباع بأن "الانتقالي" يتحرك في حلقة مغلقة لا تمثّل الجنوب، بل تمثل فئة محدودة تحاول الحفاظ على موقعها وسط تراجع الحاضنة الشعبية.

وتوقيت إعلان إعادة التشكيل يأتي في وقت تعاني فيه مناطق جنوب اليمن من تدهور أمني ومعيشي واسع، ما يُظهر الفجوة بين الخطاب التنظيمي للمجلس وواقع الحياة اليومية للمواطنين. فالواقع أن "الانتقالي" لم ينجح في بناء مؤسسات حكم حقيقية، ولا في فرض نموذج بديل عن الدولة، بل ظل يتحرك كقوة أمر واقع تعتمد على النفوذ العسكري أكثر من اعتمادها على قبول شعبي أو شرعية مدنية.

وفي كثير من مناطق الجنوب، تتسع الهوة بين المواطن والمجلس، حيث تتصاعد شكاوى الانفلات الأمني وغياب الرواتب والانقطاع الدائم للكهرباء والمياه، في ظل غياب أي حلول جذرية أو رؤية واضحة لدى المجلس لإدارة هذه الملفات.

كما أن استمرار "الانتقالي" في الخطاب الأحادي، الذي يدّعي تمثيل الجنوب، لا يواكب تعقيدات المشهد الجنوبي، الذي يتسم بتعدد القوى والمكونات والمطالب. إذ تشير المؤشرات إلى فشل المجلس في استيعاب أو تمثيل هذا التنوع، ما يضعف موقفه في أي مسار تفاوضي محتمل بشأن مستقبل الجنوب أو اليمن عمومًا.

وإعادة تشكيل الأمانة العامة للمجلس الانتقالي الجنوبي ليست سوى محاولة لإعادة إنتاج الذات في مواجهة أزمة داخلية متفاقمة، تتمثل في فقدان ثقة الشارع الجنوبي، وتآكل القدرة على تقديم نموذج حكم بديل.

كما ان بغياب الرؤية الجامعة، والانفتاح على القوى الجنوبية الأخرى، يظل المجلس مكونًا جزئيًا يفتقر للشرعية الشاملة، وغير قادر على تجاوز دوره كأداة ضغط مرحلية، لا كسلطة بديلة قادرة على إدارة دولة.
اليمن الكبير || “سقطرى جزيرة الدهشة”

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


أخبار مميزة

مساحة اعلانية

اليمن الكبير || “سقطرى جزيرة الدهشة”



وسيبقى نبض قلبي يمنيا