أزمة غير مسبوقة في سيولة الريال اليمني تربك السوق وتكشف سياسة "الشد والجذب" للبنك المركزي
تشهد السوق المصرفية في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية أزمة سيولة خانقة منذ مطلع سبتمبر الجاري، بعد اضطرابات مفاجئة في أواخر أغسطس أجبرت شركات ومحلات الصرافة على وقف عمليات البيع والشراء للعملات الأجنبية، وسط حالة ارتباك غير مسبوقة بين المواطنين.
وبحسب تقرير لموقع" يمن شباب نت"، فإن شركات الصرافة اندفعت يومي 30 و31 أغسطس إلى شراء مدخرات المواطنين من الدولار والريال السعودي بأسعار تقل عن السعر الرسمي، ما وفّر لها فائضًا من النقد الأجنبي، لكنه استنزف مخزونها من العملة المحلية. النتيجة: شح حاد في الريال اليمني وارتفاع شكاوى المتعاملين من صعوبة صرف مبالغهم إلا بفئات نقدية صغيرة.
البنك المركزي في عدن سارع إلى تثبيت سعر الصرف عند (425 – 428) ريالًا للريال السعودي، معلنًا أن جميع المبالغ الأجنبية المشتراة باتت ملكًا له وللجنة تمويل الاستيراد، في خطوة اعتبرها مراقبون اتفاقًا غير معلن مع الصرافين لامتصاص المضاربة والسيطرة على السوق.
المستشار الاقتصادي في الرئاسة فارس النجار أوضح أن شح السيولة لم يكن عشوائيًا بل نتيجة سياسة متعمدة من البنك المركزي تقوم على "الشد والجذب"؛ سحب السيولة لإجبار السوق على الالتزام بالسعر المحدد، ثم إعادة ضخها تدريجيًا لتحقيق الاستقرار النقدي. لكنه حذر في الوقت ذاته من خطورة المضاربين الكبار أو ما يعرف بـ "الهوامير" الذين يحتكرون السيولة المحلية بانتظار استخدامها لإرباك السوق.
من جانبه، اعتبر الصحفي المتخصص في الاقتصاد، وفيق صالح، أن تجفيف السيولة لمعالجة أزمة العملة "ليس حلًا مستدامًا"، بل مجرد مسكّن قد يؤدي إلى ركود الأسواق وتعطيل النشاط الإنتاجي، مشددًا على أن الحل يكمن في معالجة جذور ضعف العملة الوطنية.
ويؤكد خبراء أن تداعيات الأزمة بدأت تظهر على شكل انكماش في التداول اليومي وتعثر النشاط الاقتصادي، فيما يظل صرف رواتب الموظفين المتأخرة وإلزام الجهات الحكومية بتوريد الإيرادات إلى البنك المركزي من بين الحلول قصيرة الأجل الممكنة لتخفيف حدة الأزمة، في حين تبقى المعركة الحقيقية على المدى الطويل في مواجهة المضاربين وتعزيز الثقة بالعملة المحلية.
اليمن الكبير || “سقطرى جزيرة الدهشة”
التعليقات