26 سبتمبر.. ثورة لا تعرف الانطفاء
يحتفل شعبنا اليمني بالذكرى الستين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة، ذلك اليوم المجيد، الذي غادر فيه شعبنا قروناً من الحكم الإمامي الكهنوتي المستبد إلى رحاب الجمهورية والحرية والعزة والكرامة.
ذلك التاريخ الذي كان بمثابة الميلاد لشعبنا وبلادنا، والذي نستلهم اليوم من عظمته وأسراره ومعانيه الحية ونضالات وتضحيات رجالاته ورموزه ما يعيننا على البقاء حراساً أمناء أوفياء لكل مكتسبات الثورة والجمهورية.
إن الشعب اليمني العظيم الذي فجر ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، وضحى في سبيلها على امتداد عقود بالغالي والنفيس، سيظل مسكوناً بتلك الشعلة العصية على الانطفاء، شعلة الثورة والحرية والإباء والشموخ والكبرياء، وستظل تلك الروح الوطنية الفدائية صانعة ذلك التاريخ حية باقية تواصل الحياة والفعل والحضور من خلال الأجيال المتلاحقة من ورثة المجد والفداء ثوار اليمن الأحرار على امتداد الزمن، وسيبقى يمن الثورة والجمهورية عصياً على الخنوع والخضوع للاستبداد، يتعالى على جراحه وآلامه في مواجهة الإمامة وذيولها وامتداداتها السرطانية الخبيثة، وإن التحديات مهما بلغت لن تكسر الروح اليمنية، ولن تطفئ في أعماقها لهب الحرية، وستظل بلادنا مهما تكالبت الأدواء متعافية محمية بهذه الروح الوطنية المناهضة للمشروع السلالي الإيراني المقيت، هذه الروح التي تتجسد بجلاء في هذا الحس المتضافر المحتفى بذكرى ثورة السادس والعشرين من سبتمبر بهذا الزهو البالغ والشعور الغامر بالتحدي والفخار.
إننا وفي مناسبة رائدة عظيمة كهذه، نقف بإجلال مستدعين عظمة تضحيات شعبنا اليمني بأسره في سبيل ثورتيه الكبريين 26 سبتمبر و14 أكتوبر، واللتين شكلتا جسر العبور الحقيقي إلى قلب العصر وميلاد اليمن الحديث.
وإن عظمة الميلاد لتحكي عظمة تلك النضالات في سبيل الانعتاق من نير الكهنوت، ولن ينسى شعبنا تضحيات المؤسسة العسكرية منذ بدايات التأسيس، فقد كانت حاضرة كل المشاهد الفارقة في تاريخ حركة التحرر الوطنية، وكان رموزها وروادها وأبطالها في الصدارة على الدوام لم يتخلفوا يوماً عن نداءات الواجب ولم يخذلوا شعبهم وبلادهم يوما، وهم ابداً في مقدمة الصفوف أوائل الفرسان الشجعان والشهداء الأماجد على طول الدرب.
ولقد تشربنا أرواحهم وعرفناهم عن قرب منذ نعومة الأظفار، حفظنا أسماءهم وكبرنا حولهم، قرأناهم في كل صفحة وحييناهم في الصباحات مع خفق العلم وأصداء النشيد وسكنوا أعماقنا كوطن لا يموت، وإننا إذ نستحضرهم اليوم لنستدعي كل أبطال الجيش الميامين حماة الجمهورية، الذين تقدمونا في ميادين الشرف والبطولة، والذين سيظلون يقودون مواكبنا على آثارهم في كل الأنحاء بدون توقف أو انقطاع. وإننا لنؤكد استمرارنا على العهد في الحفاظ على الوطن والدفاع عنه وحمايته من كل الأخطار والمهددات، والبقاء صفا واحدا متماسكا لا تزيدنا الأيام إلا قوة وثباتا وصلابة وعزما.
لقد عمل المشروع السلالي منذ البداية على محاولة طمس الهوية اليمنية وتقويض الوعي ونسف الذاكرة الوطنية وإحداث نوع من التشويش والاضطراب في رؤية اليمني لذاته ولماضيه وحاضره ومستقبله، في مسعى منه لخلق تاريخ خاص يعيد الاعتبار لحكم السلالة وكل خرافاتها وادعاءاتها المتهافتة ولرموزها التي طواها النسيان، في مقابل تبخيس كل ماله علاقة بالثورة والجمهورية وتاريخ اليمن الفعلي المناهض للكهنوت، لهذا يمثل سبتمبر الجمهورية والثقافة والفكر والكفاح حاجز الصد الأهم أمام كل محاولات التسلل الكهنوتية، وفي هذا الاحتفال الزاخر يعلن اليمنيون انتماءهم لسبتمبر المجد والثورة، وأنهم سبتمبريون أحرار بلا منازع.
ستون عاماً عبر اليمن خلالها الكثير من المنعطفات لم يسقط أبداً أمام اختبارات البقاء، جمهورية عزيزة أبية شامخة تجاوزت الاختلافات والتباينات والصراعات، وتسامت فوق الحزازات ومضت نحو المستقبل رافضة كل الارتدادات، وستعبر اليوم وغدا كل محاولات إعادتها إلى الوراء وتعويقها عن اللحاق بركب التقدم والحضارة. لن تعود أبدا إلى السجن ولا إلى قبضة السجان، منذ انكسر القيد في سبتمبر وأشرقت الجمهورية اليمنية ورحل الظلام إلى الأبد. وأن اليمن أكبر من أن يتعثر بذاته او بالصغار، وأسمى من أن يقع ثانية في حبائل الكهنوت. كما أن القوات المسلحة تمثل حاجز الصد الأقوى والأول للتصدي للجماعات الإرهابية التي تهدد أمن اليمن والمنطقة والعالم، وبكل انتباه ويقظة ستبقى قواتنا المسلحة السياج الحامي لليمن أرضا وإنسانا، عصية على أي تسلل أو اقتحام للإرهاب، ومكافحة له حتى القضاء عليه.
فتحية سبتمبرية للقيادة السياسية ممثلة بالمجلس القيادي الرئاسي وعلى رأسه فخامة الرئيس د/ رشاد العليمي، وتحية للمؤسسة العسكرية قيادة وضباطاً وصفا وأفراداً، وتحية لكل المقاومين البواسل في جبهات العزة والصمود، وتحية لكل أبناء شعبنا اليمني العظيم في الداخل والخارج.
المجد والخلود للشهداء، والشفاء للجرحى، وعاشت اليمن عزيزة كريمة لا تضام.
التعليقات