بعد تزايد المخاطر التي تهدد اليمن.. ما الجديد في تصريحات قيادات الجيش المكررة حول معركة صنعاء؟
تتزايد المخاطر التي تهدد اليمن مع استمرار الوضع مراوحاً بين الهدوء والمواجهات العسكرية، وسط محاولات دولية لإنهاء الوضع القائم منذ سنوات، في ظل أزمات متعددة ومفتوحة تشهدها المنطقة
وفي ظل الفشل المستمر لفرص الحل السلمي في البلاد على مدى 8 سنوات، تتصاعد المطالب بتركيز الجهود على الحل العسكري، ولاسيما مع رفض مليشيا الحوثي مبادرات السلام والتي كان آخرها الجهود التي بذلتها سلطنة عمان.
تصريحات مكررة
تصريحات جديدة أطلقها مؤخرا رئيس هيئة الأركان اليمنية اللواء صغير بن عزيز، قال فيها إن الوصول إلى صنعاء وإنهاء الانقلاب الحوثي "ليست إلا مسألة وقت".
وتحدث عزيز عن امتلاك الجيش القدرة للوصول إلى صنعاء وإنهاء انقلاب الحوثيين في وقتٍ قصير، هذا الأمر آثار تساؤلات البعض حول ما إن كانت هذه التصريحات واقعية من الحكومة الشرعية أم أنها للاستهلاك المحلي؟
يشير عزيز في سياق تصريحاته إلى أن سر هذا التفاؤل لكون "الجيش الوطني يستمد قوته وبقاءه من إرادة الشعب الصلبة وقضيته العادلة، ومشروعه الوطني القائم على حقه في استعادة دولته وامتلاك سيادته في أرضه وقراره".
ويضيف: "على هذا نراهن، وسنظل نقاتل بكل الوسائل الممكنة حتى ننتصر ونحقق الهدف المنشود"، مؤكداً أن "فرص كسر الحوثي الحقيقية لم تحن بعد، وما زالت في طور التشكل والتطور".
وحول إمكانية هزيمة الحوثي قال بن عزيز: "يمكن تلخيص الأمر أن كل القوة الحوثية الإرهابية انكسرت، وفشلت أمام جبهة واحدة للجيش هي جبهة مأرب، وبالإمكان تصور وضع ونتيجة الحرب حين تتحرك الجبهات كافة ضمن خطة موحدة وقيادة واحدة حينها سيتم هزيمته".
الحسم العسكري
ولعل حديث بن عزيز يعيد الإشارة إلى دعوة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً قواتها المسلحة لرفع الجاهزية والاستعداد لاستكمال معركة استعادة الدولة، وإنهاء انقلاب جماعة الحوثي.
جاء ذلك في اجتماع استثنائي للحكومة، في نوفمبر من العام الماضي، حيث حثت الحكومة القوات المسلحة والأمن على "رفع الجاهزية، والاستعداد للقيام بمهامها في الدفاع عن الوطن، واستكمال استعادة الدولة، وإنهاء الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانياً".
وخلال ذلك الاجتماع كان وزير الدفاع اليمني الفريق الركن محسن الداعري، قد قدم تقريراً حول زيارته إلى السعودية؛ لبحث عدد من الملفات العسكرية والتعاون المشترك في المجال العسكري والدفاعي، ونتائج لقائه مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان؛ لمناقشة الخطوات المستقبلية للتعامل مع المتغيرات المحتملة.
الزيارة التي قام بها الوزير اليمني للسعودية قد تشير إلى أن الاجتماعات التي عقدها الجانبان هدفت للبحث عن حل عسكري مشترك في حال فشلت كل المحاولات الدولية لوضع خريطة طريق للوصول إلى حل سياسي شامل في اليمن.
استهلاك إعلامي
يرى الباحث السياسي اليمني نجيب السماوي أن الحل العسكري في اليمن هو الوحيد الذي يمكن أن يدفع نحو استقرار الأوضاع في البلاد وعودة الحياة السياسية والاقتصادية إلى ما كانت عليه سابقاً.
لكنه يرى في الوقت ذاته أن تصريحات رئيس هيئة الأركان اليمني حول حسم الحرب والوصول إلى صنعاء "مجرد استهلاك إعلامي من المسؤولين اليمنيين الذين اعتادوا على ترديدها خلال السنوات الماضية، دون واقع على الأرض".
ويضيف في تصريحات صحفية: "مُنحت للحكومة اليمنية مئات الفرص من أجل الحسم واستعادة المناطق التي تقع تحت سيطرة الحوثيين، لكن أموراً كثيرة -بينها التدخلات الدولية في اللحظة الحاسمة- حالت دون تحقيق أي هدف في هذا الشأن".
ويطرح أحد أبرز الأمثلة بقوله: "المعركة التي أطلقت عام 2018، والتي كان هدفها السيطرة على الحديدة وقطع شريان الحياة بالنسبة للحوثي، تم إيقافها بتدخل دولي تحت ما أسموه (الوضع الإنساني)، ولذلك منحوا الحوثي الحياة، بينما أفشلوا لحظة حاسمة كانت ستغير مجرى حرب اليمن".
ويجدد تأكيده أن أي قرار لحسم المعركة أو التقدم نحو صنعاء "مرتبط بعدة متغيرات؛ منها موافقة التحالف العربي بقيادة السعودية على هذه الخطوة، ثم عدم التدخل الدولي والإقليمي، ووضع معوقات أمام أي تحرك عسكري".
هدنة منتهية.. وتحرك دولي
وتقود السلطنة حالياً وساطة بين الحوثيين والسعودية، حيث زار وفد منها صنعاء مرتين، منذ أواخر ديسمبر 2022، وحتى منتصف يناير الماضي 2023.
وفي موازاة ذلك يكثف مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ، تحركاته في الأيام الأخيرة؛ من أجل توحيد حشد الدعم الدولي لجهود الوساطة الأممية بهدف الوصول إلى تسوية سياسية للحرب.
وأكد في تصريح له، نهاية يناير، الحاجة إلى دعم دولي منسّق لمساعدة اليمن على السير في طريق يفضي إلى السلام. وقال: إن "المجتمع الدولي يمكنه تقديم ضمانات، ودعوة الأطراف إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس، وتشجيعهم على منح الأولوية لمصلحة جميع اليمنيين، والعمل على ضمان إشراك أكبر قدر ممكن من فئات المجتمع اليمني في جميع مراحل العملية".
ورغم انتهاء الهدنة قبل نحو أربعة أشهر، في 2 أكتوبر 2022، فإنها ما زالت سارية المفعول من دون اتفاق رسمي معلن، إذ لم تشهد البلاد تصعيداً عسكرياً كبيراً، باستثناء مواجهات محدودة.
وعلى الرغم من أن التحركات الدبلوماسية تسعى لتثبيت وقف إطلاق النار في اليمن، بناءً على بنود الهدنة الأممية، فإن أطرافاً إقليمية ودولية كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تهدف إلى التحرك بفعالية أكبر، من أجل استغلال توقف القتال، للوصول إلى تسوية سياسية لإنهاء الحرب في اليمن.
الصحافة العربية
التعليقات