اتفاق السعودية والحوثي.. تتويج للثورة المضادة

بعد ثماني سنوات من القطيعة المعلنة، عاد السفير السعودي إلى صنعاء على رأس وفد رسمي، وحظي باستقبال سلطات مليشيا الحوثي، وهي التي تملأ سجونها بيمنيين تتهمهم بالتواصل مع السفير نفسه.

يمثل الحوثيون أقدم حركات الثورة المضادة في المنطقة، فهم ثورة مضادة لثورة سبتمبر، فيما يمثل التحالف السعودي - الإماراتي رأس الحربة في الثورة المضادة لثورة الربيع العربي.

بالرغم من بعض نقاط الخلاف وأشكال الاختلاف بينهما إلا أن كلاً من مليشيا الحوثي والأنظمة الحاكمة في كل من السعودية والإمارات وإيران لديها الكثير من المواقف والمصالح المشتركة، وملامح التشابه في تركيبتها الأمنية وعقليتها السياسية.

نشأ الحوثيون منذ عقود باعتبارهم حالة رفض سياسي لنتائج الثورة، التي أنجبت النظام الجمهوري، وحصلوا بعد ثورة فبراير على دعم إقليمي غير محدود لإسقاط الثورة والسيطرة على الحكم بالقوة، وخلق حالة مشوهة من أنظمة الحكم؛ بهدف بلورة نموذج سلبي يحمي أنظمة دول الجوار من رياح الثورة.

بالاتفاق مع السعودية والإمارات، نفذ الحوثيون انقلابهم على السلطة في صنعاء في سبتمبر ألفين وأربعة عشر؛ بهدف إدخال البلاد في حالة حرب أهلية والقضاء على حزب الإصلاح؛ باعتباره الرافعة الأقوى للعملية السياسية.

تسببت ظروف الانقلاب وخيارات القوى السياسية المختلفة في تعديل خطة الحوثيين وحلفائهم بشكل جزئي، وتمكنوا -من خلال الحرب فيما بينهم- من تحقيق ما لم يتمكنوا من تحقيقه في حالة الاتفاق الكامل، فأعلنت السعودية الحرب ضد مليشيا الحوثي، لكنها قصفت معسكرات الجمهورية ومطاراتها، وبنيتها التحتية من صعدة حتى المهرة.

استحوذت السعودية على القرار الرسمي لليمن، ومنعت مسؤوليه من مغادرة أراضيها، واستباحت -مع شريكها الإماراتي- سواحل البلاد وموانئها، وأنشأتا نظام احتلال ووصاية غير معلن؛ صادرتا بموجبه حق اليمنيين في بيع برميل نفط، أو شراء طن قمح، إلا بإذن مباشر، وبعد تفتيش غير قانوني.

اليوم، وبعد زوال أسباب الخلاف المعلنة وتوصل كل طرف إلى تحقيق ما يريد، وانتهاء الحاجة إلى إعلان الخلاف، صار بإمكان الحوثيين وأعدائهم المفترضين إعلان التوصل لاتفاق سياسي يكملون به ما بدأوا فيه قبل ثماني سنين: دعم الثورة المضادة، وتدمير القوى الحية في المجتمع اليمني، وتحييد مقدرات الدولة عن خدمة الشعب.

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية