ما وراء التحركات واللقاءات المكثفة بين اليمن ومصر؟
وصل وفد عسكري مصري رفيع المستوى أمس الخميس، إلى العاصمة المؤقتة عدن (جنوب اليمن)، عقب أيام من زيارة رسمية لوزير الدفاع اليمني الفريق محسن الداعري إلى مصر.
وقالت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" الرسمية، إن رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي التقى بوفد عسكري رفيع المستوى من جمهورية مصر العربية برئاسة اللواء اركان حرب محمد اسماعيل عبد الفتاح (مساعد مدير ضبط المركبات للتسليح في الجيش المصري)، الذي يزور حالياً العاصمة المؤقتة عدن.
وفي الاجتماع أشاد العليمي، "بالتطورات النوعية التي تشهدها مصر على مختلف الأصعدة، وخصوصاً في المجالين العسكري والأمني"، وثمن موقف مصر الثابت إلى جانب الشعب اليمني وقيادته السياسية، ونظامه الجمهوري، وصولاً الى دورها الفاعل ضمن تحالف دعم الشرعية، وفق الوكالة.
في 26 أبريل الماضي، التقى رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في قصر الاتحادية بالعاصمة المصرية القاهرة، بحثا مستجدات المشهد اليمني والجهود الجارية من أجل التوصل لحل سياسي للأزمة اليمنية، فيما أكد السيسي "قوة العلاقات التاريخية التي تجمع بين البلدين الشقيقين، والموقف المصري الثابت إزاء دعم وحدة وسيادة الدولة اليمنية وسلامة مؤسساتها الوطنية، وتشجيع كافة الجهود الرامية لإيجاد حل سياسي شامل ومستدام، بما يحافظ على وحدة البلاد وتماسك مؤسساتها الشرعية".
وفي مطلع الشهر الجاري، زار وزير الدفاع اليمني الفريق محسن الداعري، جمهورية مصر والتقى بنظيره المصري الفريق أول محمد زكى، بحث خلالها تعزيز علاقات التعاون والشراكة في مختلف المجالات العسكرية، بما يسهم في تعزيز قدرات القوات المسلحة اليمنية وبناءها ورفع كفاءتها وجاهزيتها، وفقا لوكالة سبأ الرسمية، التي وصفت الزيارة بالـ "المثمرة".
فيما أكد الإعلام الرسمي المصري، إن اللقاء بين الجانبين، ناقش عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك في مجالات التعاون العسكري ونقل وتبادل الخبرات بين القوات المسلحة لكلا البلدين.
ما وراء الزيارة؟
وتعليقا على زيارة الوفد المصري إلى اليمن، يرى المحلل والخبير العسكري اليمني علي الذهب، أنها قد تكون "متعلقة بجانب تقني تُلبي حاجة للجيش اليمني وفق مواصفات الأرض اليمنية بحيث إنه يجري نتائجها لليمن خلال فترة محددة، فـ بدلاً من أن تستوردها اليمن من الخارج يمكن استيرادها من مصر وفقاً لاتفاقيات اجريت مع مصر منذ سنوات وليس منذ زيارتها الآن".
وأضاف في حديث لـ"يمن شباب نت"، "أن وزير الدفاع اليمني السابق وقع على أكثر من عشرين اتفاقية مع رئيس الحكومة المصري.. أيضاً زارها وزير الدفاع الحالي قبل أسبوع أو عشرة أيام بعد زيادة العليمي وزار القيادة والأركان وزار الأكاديمية العسكرية وزار مجالات كثيرة".
ورأى الذهب أنه "من خلال رئاسة الوفد وهوية الوفد تقول إن هنالك محاولة للاستفادة من التقنيات الحربية المصرية لخدمة الجيش اليمني.. قد تكون هذه أحد أغراض الزيارة وقد تكون واجهة"، ولفت إلى أنه "قد يكون لدى الوفد أو رئيس الوفد تفويض لإجراء مثلاً اتفاقات أو التحضير لاتفاقيات أو التحضير لـ بروتوكولات تخص جانب الأمن في البحر الأحمر أو ما شابه ذلك أو في التدريب والتأهيل".
لكن - بحسب الذهب – "يبدو أنه الحاجة الحقيقة للجيش اليمني أنه يحتاج إلى عدد كبير من العربات والمركبات الآلية المدرعة وهذه المركبات بدلاً من أن تستوردها اليمن من دول أخرى هناك إنتاج عربي وموجودة في مصر وهناك منافع مشتركة يمكن لـ مصر أن تبيع لليمن مثل هذه العربات وتستفيد منها".
وأوضح: "هناك حاجة ماسة دائمة للعربات المدرعة فيها عجز، ولابد ما تُلبى عاجلاً وبدلاً من أن تشترى من دول بقيمة مُبالغ فيها، ستوفرها مصر بقيمة أقل وفي نفس الوقت ستذهب الفائدة لدولة عربية شقيقة في إطار التكامل العربي العسكري والاقتصادي والأمني".
وتابع: "وإن كانت المرحلة القادمة عنونها عنوان سلام لكنها أيضاً شبح الحرب لابد ما يضل قائماً، وفي نفس الوقت هذه المدرعات هي دائماً عنصر فاعل في أي مواجهة برية وهذا يدل على أن خيار المواجهة البرية لايزال قائماً وأنه يجب رفده بالآليات التي تمكن المشاة من أداء مهامهم القتالية على أكمل وجه".
دور مصر في باب المندب
ويعتقد المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي، إن "زيارة الوفد المصري مرتبطة ترتيبات سابقة تحضر فيها مصر بقوة فيما يتعلق بالتواجد العسكري المحتمل لها في باب المندب أو احتمالية وجود تسهيلات لـ أن تلعب القوات المصرية دور في منطقة باب المندب".
وقال في حديث لـ"يمن شباب نت"، أن "هذه التحركات تلتقي مع تصور التحالف حول فكرة الإشراف الإقليمي على مضيق باب المندب"، مشيرا إلى أن الخبر الذي يتحدث عن وصول الوفد المصري، لا يشير إلى ما يريده الوفد المصري".
واضاف التميمي: "في الحقيقة الفضاء اليمني يكاد يكون مغلق بالنسبة لـ أي دولة أخرى في النشاط العسكري تدريب قوات إلى آخره، فالأمر ربما يكون ضمن ما هو مسموح به لـ مصر على الساحة اليمنية وهو أداء دور ما في باب المندب.. وبانتظار التفاصيل حول أهداف زيارة هذا الوفد".
وفي 13 ديسمبر/ كانون أول 2022، أعلن الجيش المصري للمرة الأولى، توليه قيادة قوة المهام المشتركة (153) في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، والتي تضم كلا من: السعودية ومصر والإمارات والأردن والولايات المتحدة الأمريكية، وقال في بيان له "أن هذه المهام تأتي بسبب الأنشطة الإرهابية في مضيق باب المندب والبحر الأحمر وخليج عدن".
وتعد قوة المهام المشتركة، هي إحدى أهم الآليات لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي ومجابهة التهديدات بكافة أنماطها، ويتركز نطاق عملها في "البحر الأحمر" و"باب المندب" و"خليج عدن"، ما يسد أي ثغرات أمنية كانت تتسلل منها مراكب التهريب ومنها الإيرانية.
وتمر من خليج عدن ومضيق باب المندب أعداد كبيرة من سفن التجارة العالمية التي تعرضت خلال السنوات الأخيرة لهجمات وصفتها الولايات المتحدة الأميركية ودول خليجية بـ"الإرهابية"، في حين يبقى التهديد مستمر للملاحة الدولية من قبل ميلشيات الحوثي.
التعليقات