تركيا: تحذيرات وخوف من زلزال إسطنبول المدمر
أعلن البروفيسور التركي شكري إرسوي، خلال محاضرة في منطقة يني كابي أمس، أنه على الرغم من أن 92 في المائة من أراضي تركيا هي الأكثر تعرضاً للزلازل، إلا أن الواقع يشير إلى أن البلاد بأكملها تعتبر منطقة زلازل، متوقعاً أن تشهد البلاد زلزالاً كبيراً في منطقة مرمرة خلال العام المقبل.
وحظيت محاضرة إرسوي، تحت عنوان "مشكلات وحلول هاتاي بعد الزلزال في سياق زلزال إسطنبول المحتمل"، بحضور كبير. وتناقلت وسائل الإعلام التركية تحذيراته، بعدما فنّد الأسباب التي تجعل تركيا معرّضة للزلازل بشكل كبير، بعدما أشار إلى السجلات الجيولوجية والأبحاث التي تُظهر تحرك القارات. ويوضح أن هناك خريطة رائعة تبين المناطق الملونة التي تبدأ من إسبانيا في الغرب وتمتد عبر إيطاليا ودول يوغوسلافيا السابقة واليونان وتركيا وصولاً إلى إيران، وأن هذه المناطق تعد جزءاً من سلسلة جبال الألب وهيمالايا، حيث تضيق القارات الواقعة شمالاً وجنوباً عليها بمعدل بضع سنتيمترات سنوياً، ما يؤدي إلى انحناء قشرة الأرض، ويتسبب في كسور قد تؤدي إلى الانزلاق وبالتالي حدوث الزلازل.
وكشف إرسوي أن عدد الفوالق في تركيا يقترب من 500 فالق، ما قد يسبب زلازل بقوة 5.5 درجات أو أكثر، محذراً من أن البلاد تواجه خطراً حقيقياً من جراء الزلازل، خصوصاً أن الزلازل الأخيرة أظهرت وجود أكثر من 500 فالق نشط.
وتسجل تركيا زلازل بقوة متوسطة وخفيفة على نحو شبه يومي، إذ ضرب يوم الإثنين الماضي زلزال بقوة 3.7 درجات مدينة سينجيك في محافظة أديامان، من دون تسجيل خسائر مادية أو بشرية.
وبحسب هيئة إدارة الكوارث والطوارئ التركية (آفاد)، تشهد تركيا بانتظام زلازل متفرقة في معظم أنحاء البلاد، مشيرة إلى زلزال بقوة 3.9 على مقياس ريختر ضرب منطقة بازارجيك التابعة لمدينة كهرمان مرعش، يوم الأحد الماضي، من دون أن يخلّف أضراراً. أما بالنسبة إلى منطقة مرمرة، فقد أوضح إرسوي أن هناك توترين في بحر مرمرة وسيجتمعان بالتأكيد، ما قد يؤدي إلى حدوث زلزال بقوة تزيد على 7 درجات.
وتكثر الندوات الهادفة إلى التحذير والتوعية من الزلازل في تركيا. وحذر خبير الزلازل ناجي غورور، خلال ورشة نظمتها جامعة تركية، من أن صدع شمال الأناضول يعتبر من بين أخطر الصدوع الزلزالية في العالم. وأشار إلى أن صدع الأناضول الشرقي يُسجل زلازل خطيرة تقريباً كل 500 عام، يمتد من إيلازيغ إلى ملاطية عبر بينغول، مطالباً بضرورة تكثيف الجهود للتأهب والاستعداد للزلازل في تركيا. وتقع البلاد في منطقة زلزالية نشطة، مذكراً بمآسي الزلزال المزدوج الذي ضرب عشر ولايات تركية في 6 فبراير/شباط الماضي وخلّف أكثر من 50 ألف ضحية.
ويرى مدير أكاديمية فكر للدراسات الاستراتيجية بإسطنبول، باكير أتاجان، أن تحذير المتخصصين ضروري لتحتاط الحكومة وتنشر التوعية بين الأهالي من دون هلع. يضيف أن بلاده تركز خلال الفترة الأخيرة على التوعية والاستعدادات، مشيراً إلى تطبيق ميداني طبي دولي شهدته ولاية جناق قلعة استمر أربعة أيام، نظمته رئاسة آفاد ضمن آلية الحماية المدنية التابعة للاتحاد الأوروبي، وحضره وزير الصحة، وتم خلاله التدريب على أنشطة البحث والإنقاذ الطبي والخدمات الصحية والمساعدات الإنسانية.
وفي ما يعرف بالاستعدادات، حول ما يوصف بزلزال إسطنبول المدمر، يضيف أتاجان لـ "العربي الجديد" أن هناك إجراءات متواصلة، منها تمارين للتعامل مع الزلزال، وأخرى حول بناء 350 ألف وحدة سكنية مضادة للكوارث الطبيعية، بما في ذلك الزلازل. ورصدت الحكومة دعماً مالياً لأصحاب العقارات القديمة التي تحتاج إلى الصيانة والترميم، بعد تلقّي نحو ألفي طلب من أصحاب العقارات في إسطنبول لترميم بيوتهم القديمة بدعمٍ من الحكومة.
وكان وزير البيئة والتخطيط العمراني محمد أوزهاسكي قد كشف، خلال مقابلة تلفزيونية أخيراً، أن السلطات ستقوم ببناء الوحدات السكنية المضادة للزلازل في أماكن سيتمّ اختيارها بعناية فائقة، كي تكون بعيدة عن مركز الزلزال المتوقع منها بشكل فوري ومنها على مدى عامين. وأشار إلى أن الحكومة التركية ستقوم على الفور بتقديم مبالغ مالية تتراوح ما بين 10 آلاف و25 ألف دولارٍ أميركي لأصحاب العقارات التي قد تتضرر نتيجة الزلزال المتوقّع، والذي يطلق عليه خبراء الزلازل والجيولوجيا اسم "زلزال مرمرة الكبير والمدمّر".
وكان غورور قد أعلن مراراً، خلال لقاءات متلفزة، عن التأثير المحتمل لزلزال إسطنبول، مبيناً أنه "يوجد مليون و100 ألف مبنى في إسطنبول. لو افترضنا انهيار 10 آلاف مبنى فقط من جراء الزلزال، لو افترضنا أن هناك شقتين في كل طابق، يصبح لدينا 100 ألف شقة. دعونا نضع في كل شقة 4 أشخاص فقط، أي 400 ألف شخص غير آمنين وحياتهم في خطر. وهذا فقط في حال انهار 10 آلاف فقط. فماذا لو انهار 20 ألف مبنى؟".
وفي ظل المخاوف وازدياد التحذير من زلزال مرمرة، كشفت هيئة الكوارث والطوارئ التركية "آفاد" عن قائمة تضم 15 منطقة، 10 في الجانب الأوروبي و5 في الآسيوي، تعتبر الأكثر خطورة في حال وقوع زلزال محتمل في مدينة إسطنبول.وحول احتياطات السلطات التركية في إسطنبول، يكشف مصدر مسؤول في حزب العدالة والتنمية الحاكم لـ "العربي الجديد"، أن "الاستعدادات مستمرة، لكننا نحرص على عدم بث الرعب، لأن موعد أي زلزال هو محض تنبؤات".
يضيف أنه تم فحص آلاف المباني من قبل فرق هندسية تابعة للبلديات، وركزت على نوعية الخرسانة وقضبان الحديد وتحمّل الأبنية لزلزال بقوة 7 درجات وما فوق. وفي حال عدم قدرة البناء على مواجهة الهزة، يتم اتخاذ قرار الهدم. ويؤكد تقديم الحكومة الدعم المالي لإعادة بناء المنازل وتحويلها إلى مبان أكثر مقاومة للزلازل، وقيمة القرض 500 ألف ليرة تركية من دون فوائد للمواطنين الذين يريدون إعادة بناء منازلهم. كما سيتم تقديم دعم مالي بقيمة 250 ألف ليرة تركية لأصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة الذين يرغبون في إعادة بناء مقرات شركاتهم.
التعليقات