اجتياح مدينة رفح.. العالم يحذّر من الكارثة وإسرائيل تحضّر للعملية

توالت التحذيرات الدولية من اجتياح جيش الاحتلال الإسرائيلي المحتمل لمدينة رفح المكتظة بالنازحين من مناطق عدة في قطاع غزة بسبب العدوان الإسرائيلي المتواصل، في حين ناشدت حكومة الاحتلال وكالات الأمم المتحدة التعاون معها لإخلاء المدينة.

واعتبر المفوض السامي لحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة فولكر تورك أن احتمال التوغل الإسرائيلي الكامل في رفح بجنوب قطاع غزة أمر "مرعب"، مضيفا "يمكن أن نتصور ما ينتظرنا".

وأشار إلى أن "ما حدث في ضوء المذبحة التي وقعت حتى الآن في غزة يجعلنا نتصور تماما ما ينتظرنا في رفح".

وقال تورك في بيان له اليوم الاثنين "التوغل في رفح قد يعني نهاية المساعدات الهزيلة التي كانت تدخل إلى غزة، وتنفيذ مثل هذه العملية في رفح في ظل الظروف الحالية يهدد بمزيد من الجرائم".

وحض مفوض الأمم المتحدة القوى العالمية على العمل على "الضبط بدلا من التمكين" مع تزايد المخاوف من توغل بري وشيك في منطقة يحاصر فيها أكثر من مليون فلسطيني في جنوب القطاع بعد أن توعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بتنفيذ هجوم بري.

وتابع أن "أي توغل عسكري محتمل واسع النطاق في رفح -حيث يتجمع نحو 1.5 مليون فلسطيني على الحدود المصرية من دون أن يتوافر لهم أي مكان آخر يفرون إليه- أمر مرعب، نظرا لاحتمال سقوط عدد كبير جدا من القتلى والجرحى المدنيين، وهنا أيضا معظمهم من الأطفال والنساء، للأسف".

وقال "عدا عن الألم والمعاناة الناجمين عن القنابل والرصاص فإن هذا التوغل في رفح قد يعني أيضا وقف المساعدات الإنسانية الهزيلة التي كانت تدخل وتوزع، مع ما يترتب على ذلك من تأثيرات هائلة على قطاع غزة بأكمله، بما في ذلك مئات الآلاف المعرضين لخطر المجاعة، والمجاعة في الشمال".

وقال تورك "لقد حذر مكتبي مرارا وتكرارا من الأعمال التي تنتهك قوانين الحرب، إن احتمال حدوث مثل هذه العملية في رفح في ظل الظروف الراهنة يهدد بمزيد من الجرائم الوحشية".

واوضح أن "أولئك الذين يتحدون القانون الدولي قد تم تحذيرهم، ويجب أن يتبع التحذير المساءلة، ويجب على العالم ألا يسمح بحدوث ذلك، وعلى أصحاب النفوذ أن يضبطوا بدلا من أن يمكِّنوا، ويجب أن يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار، ويجب إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين، ويجب أن يكون هناك تصميم جماعي متجدد للتوصل إلى حل سياسي".

من جهته، قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان "أشعر بقلق بالغ بشأن القصف والتوغل البري الإسرائيلي المحتمل في رفح"، متوعدا بملاحقة أي طرف ينتهك القوانين الدولية.

وقال خان في بيان نشره على منصة إكس إن التحقيق الذي يجريه مكتبه بشأن غزة "يمضي قدما بصفته مسألة شديدة الإلحاح".

كما حذر مفوض السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل من كارثة إنسانية قال إنها على وشك الحدوث في مدينة رفح، مطالبا المسؤولين الأوروبيين بفعل ما هو أكثر من التعبير عن قلقهم.

وقال بوريل إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يستمع لأحد، وإنه لا يستجيب لنداءات الاتحاد الأوروبي المتكررة بعدم استهداف المدنيين.

 

خطة إسرائيلية

في غضون ذلك، اتهم المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إيلون ليفي وكالات الأمم المتحدة العاملة في قطاع غزة بعرقلة جهود إسرائيل لتوفير الأمن للمدنيين في رفح، على حد زعمه.

وقال ليفي في لقاء مع شبكة "سي إن إن" الأميركية إن إسرائيل تريد توفير ممرات آمنة لإجلاء المدنيين حتى لا تستخدمهم حماس دروعا بشرية، وفق تعبيره.

كما ناشد المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية وكالات الأمم المتحدة التعاون مع إسرائيل بخصوص خطة يطورها جيش الاحتلال لإجلاء المدنيين من مدينة رفح جنوب قطاع غزة.

وقال ليفي "لا تقولوا إنه لا يمكن فعل ذلك، انخرطوا معنا للتوصل إلى حل"، مضيفا أن المسؤولين الدوليين "بمطالبتهم إسرائيل بعدم شن هجوم لأن المدنيين سوف يتأذون ولكنهم يقاومون جهود إخراج المدنيين من طريق الأذى فإنهم يكونون متواطئين مع إستراتيجية الدروع البشرية التي تنتهجها حركة حماس".

 

تحذيرات حقوقية

وفي سياق متصل، وصفت منظمة أطباء بلا حدود الهجوم البري المعلن من إسرائيل على رفح بأنه سيكون كارثيا، وشددت على أنه يجب ألا يتم المضي فيه، داعية إسرائيل إلى وقفه فورا.

ودعت "أطباء بلا حدود" جميع الحكومات الداعمة -بما في ذلك الولايات المتحدة- إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لوقف إطلاق النار، مشيرة إلى أن الخطاب السياسي ليس كافيا.

ولفتت إلى أنه لا يوجد مكان آمن في غزة، مضيفة أن عمليات التهجير القسري المتكررة قد دفعت الناس إلى رفح، وهم محاصرون في قطعة صغيرة وليست لديهم خيارات.

وأوضحت "أطباء بلا حدود" أن الاحتياجات هائلة، والوضع يتطلب استجابة إنسانية آمنة على نطاق أوسع بكثير في قطاع غزة.

وقد نشرت منظمة العفو الدولية (أمنستي) تحقيقا قالت إنه يكشف أدلة جديدة بشأن 4 غارات إسرائيلية على رفح في ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني الماضيين أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 95 مدنيا، بينهم 42 طفلا.

وقالت أمنستي إن التحقيق لم يجد أي مؤشر على أن المباني السكنية التي قصفها الجيش الإسرائيلي يمكن اعتبارها أهدافا عسكرية مشروعة.

ورجحت المنظمة أن تكون جميع الغارات الأربع هجمات مباشرة على المدنيين والأعيان المدنية، وطالبت بضرورة التحقيق فيها على أنها جرائم حرب.

وأشارت أمنستي إلى هذه الهجمات تؤكد نمطا مستمرا من انتهاك القوات الإسرائيلية القانون الدولي على نحو صارخ، مما يتناقض مع مزاعم السلطات الإسرائيلية بأنها تتخذ احتياطات مشددة لتقليل الضرر اللاحق بالمدنيين.

 

المصدر : الجزيرة

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية