الإصلاحي الوحيد أمام 5 محافظين.. من هو "جراح القلب" الذي سيحكم إيران خلال السنوات القادمة؟
بعد فوزه على منافس من غلاة المحافظين في الانتخابات الرئاسية، حث مسعود بزشكيان الإيرانيين يوم السبت على التمسك به في “الطريق الصعب” الذي سيمضي فيه حد تعبيره.
ويعد بزشكيان ثالث سياسي من التيار الإصلاحي يتم انتخابه لرئاسة إيران، وذلك بعد كل من محمد خاتمي، الذي تولى المنصب لولايتين متتاليتين (من 1997 إلى 2005)، وحسن روحاني الذي ترأس البلاد هو الآخر لولايتين متتاليتين (من 2013 إلى 2021).
المولد والنشأة
ولد مسعود بزشكيان يوم 29 سبتمبر/أيلول 1954 في مدينة مهاباد بمحافظة أذربيجان الغربية شمال شرقي إيران وترعرع في عائلة متدينة.
الدراسة والتكوين العلمي
أنهى بزشكيان الدراسة الابتدائية في مهاباد. ولمواصلة تعليمه التحق بمعهد الزراعة في مدينة أورومية وحصل على دبلوم في مجال الصناعات الغذائية. ونُقل إلى مدينة زابل الحدودية من محافظة سيستان وبلوشستان في عام 1973 لأداء الخدمة العسكرية.
وبعد انتهاء خدمته العسكرية قرر أن يصبح طبيبا، فحصل على الدبلوم الطبيعي عام 1975، ثم بعد عام تم قبوله في مجال الطب بجامعة مدينة تبريز للعلوم الطبية.
نظم دروس القرآن الكريم ونهج البلاغة في الجامعة. وكان للطلاب المشاركين في هذه الفصول، إلى جانب الطلاب المسلمين الآخرين في جامعة تبريز، دور رئيسي في مظاهرات الثورة الإيرانية عام 1979. وفي مظاهرة تبريز الشهيرة يوم 11 فبراير/شباط، أطلقت قوات نظام الشاه النار على شقيقه، وبعد دخوله المستشفى، سجنته الحكومة.
وعقب الثورة أسس بزشكيان الجمعية الإسلامية لطلبة كلية الطب وواصل تعليم دروس القرآن الكريم ونهج البلاغة وجلسات المناقشة والمناظرة.
وكانت الجمعية الإسلامية لكلية الطب في ذلك الوقت أقوى جمعية في جامعة تبريز. وبعد أن عطل اليساريون حفل خطاب علي أكبر هاشمي رفسنجاني في كلية الطب في عام 1979، أدى ذلك إلى اشتباك بين الطلاب المعارضين ومؤيدي الثورة ثم إلى إغلاق الجامعة.
ومع رسالة زعيم الثورة الإيرانية آية الله الخميني وإعلان تضامن الجامعات الأخرى، حدثت "الثورة الثقافية". وبعد إغلاق الجامعة، انضم إلى ما عرف بـ"جهاد البناء" وذهب إلى القرى النائية.
وفي تلك الأيام بدأت الحرب العراقية-الإيرانية عام 1980، وكان بزشكيان خلالها مسؤولا عن إرسال الفرق الطبية إلى مناطق القتال، ونشط في العديد من العمليات مقاتلا وطبيبا، وعالج الجرحى في الجبهات القتالية.
أكمل دورة الطب العام سنة 1985 وبدأ العمل في كلية الطب مدرسا لعلم وظائف الأعضاء. وفي عام 1990 حصل على تخصص الجراحة العامة من جامعة تبريز للعلوم الطبية، ثم في عام 1993 حصل على تخصص في جراحة القلب من جامعة إيران للعلوم الطبية في طهران، وتم تعيينه على الفور في مستشفى الشهيد مدني للقلب في تبريز، وفيما بعد أصبح رئيسا له.
التجربة السياسية والعملية
وفي عام 1994 عيّن رئيسا لجامعة تبريز للعلوم الطبية، واستمرت رئاسته حتى عام 2000. ثم نُقل إلى طهران وتولى منصب نائب وزير الصحة بوزارة الصحة والعلاج والتعليم الطبي لمدة 6 أشهر.
وبعد ذلك، في الولاية الثانية لرئاسة محمد خاتمي، حصل بزشكيان على ثقة من البرلمان وزيرا للصحة والعلاج والتعليم الطبي. وحصلت خلافات بينه وبين البرلمان أدت إلى استجوابه، ومن ثم ترك منصبه.
في 11 مايو/أيار 2013، وفي اليوم الأخير للتسجيل للانتخابات الرئاسية الإيرانية آنذاك، قدم ترشيحه، لكن مجلس صيانة الدستور رفض ملفه.
وفي 26 فبراير/شباط 2016، تمكن مسعود بزشكيان من الحصول على 261 ألفا و394 صوتا من صناديق تبريز وآذرشهر وإسكو في انتخابات البرلمان العاشر. وبعد ذلك أصبح النائب الأول لرئيس البرلمان العاشر بحصوله على 158 صوتا.
ويعرف بزشكيان بمواقفه المناصرة لحقوق الأقليات القومية في إيران. وقال في الجلسة العامة للبرلمان في 26 فبراير/شباط 2016، إنه "ممتن لأن الله جعله تركيًّا، ولا يحق لأحد أن يسخر من لغة الأتراك وثقافتهم. ووفقا للمادة 15 من الدستور، يجب أن يكون الأتراك والمجموعات العرقية الأخرى في إيران قادرين على الكتابة والتحدث والتعلم بلغتهم الأم في المدارس".
الانتخابات الرئاسية 2024
وبعد وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي ومرافقيه إثر تحطم المروحية التي كانت تقلهم في محافظة أذربيجان الشرقية شمالي غربي البلاد، دعت إيران إلى انتخابات رئاسية مبكرة، فترشح بزشكيان وأعلن التيار الإصلاحي تبنيه مرشحا رسميا، وبذلك أصبح المرشح الإصلاحي الوحيد أمام 5 محافظين.
وفاز مسعود بزشكيان بالانتخابات الرئاسية الإيرانية لعام 2024 بنسبة 55% من أصوات الناخبين متفوقا على منافسه المحافظ سعيد جليلي.
وقال -في أول تصريح له بعد إعلان فوزه في الجولة الثانية من الاقتراع- للانتخابات الرئاسية "سنمد يد الصداقة للجميع، نحن جميعنا شعب هذا البلد. علينا الاستعانة بالجميع من أجل تقدم البلد".
وأضاف في منشور على منصة إكس "أمد يدي إليكم ولن أتخلى عنكم وأسألكم أيضا أن تكونوا إلى جانبي"، وتابع "أمامنا طريق صعب ولا يمكن تجاوزه إلا بتعاطفكم وثقتكم وتعاونكم".
وتعهد جراح القلب البالغ من العمر 69 عاما بتبني سياسة خارجية عملية وتخفيف التوتر المرتبط بالمفاوضات المتوقفة الآن مع القوى الكبرى لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 وتحسين آفاق الحريات الاجتماعية والتعددية السياسية.
وتعهد جراح القلب البالغ من العمر 69 عاما بتبني سياسة خارجية عملية وتخفيف التوتر المرتبط بالمفاوضات المتوقفة الآن مع القوى الكبرى لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 وتحسين آفاق الحريات الاجتماعية والتعددية السياسية.
لكن العديد من الإيرانيين يشككون في قدرته على الوفاء بوعوده الانتخابية لأن الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، وليس الرئيس، هو صاحب السلطة الأعلى في الجمهورية الإسلامية.
المصدر : الجزيرة + رويترز
التعليقات