ترامب يفتح أبواب البيت الأبيض لأردوغان بحفاوة استثنائية: رفع العقوبات وصفقات غاز ونووي.. وتركيا تفرض حضورها كقوة عالمية
شهدت العاصمة الأمريكية واشنطن مشهدًا دبلوماسيًا غير مألوف، عندما استقبل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب نظيره التركي رجب طيب أردوغان بحفاوة بروتوكولية نادرة، عكست المكانة المتنامية لأنقرة في المعادلة الدولية.
وخلال اللقاء الذي جمع ترامب بعدد من القادة العرب والمسلمين لبحث حلول للأزمة في غزة، خصّ الرئيس الأمريكي أردوغان بمكانة مميزة، حيث أجلسه إلى جواره مباشرة، في خطوة أثارت الانتباه وأشّرت إلى تقدير خاص للزعيم التركي. وزاد المشهد رمزية عندما نهض ترامب وأزاح بيده الكرسي ليسهّل وقوف أردوغان، في تصرف لم يُعرف عن ترامب القيام به مع قادة آخرين، قبل أن يصرّح أمام الحضور قائلاً: «أتشرف بالجلوس مع رئيس قوي لدولة قوية، يحبه العالم».
اتفاقيات الغاز والتعاون النووي
لم يكن اللقاء مجرد بروتوكول، بل حمل أبعادًا استراتيجية كبرى. فقد أعلنت شركة BOTAŞ التركية توقيع اتفاق طويل الأمد مع شركة Mercuria الأمريكية لتوريد الغاز الطبيعي المسال إلى تركيا، يمتد حتى عام 2045، بما يضمن تنويع مصادر الطاقة التركية ويحد من التبعية لموسكو. كما تم توقيع مذكرة تفاهم للتعاون النووي المدني بين أنقرة وواشنطن، تمهيدًا لمرحلة جديدة من الشراكة التكنولوجية في مجال الطاقة النووية السلمية.
رفع العقوبات عن قطاع الدفاع
وفي تطور بالغ الأهمية، أعلن ترامب الخميس استعداده لرفع جميع العقوبات التي فرضتها واشنطن على قطاع الدفاع التركي بشكل "شبه فوري"، وذلك خلال استقباله أردوغان في البيت الأبيض. هذه الخطوة فُسّرت بأنها رغبة أمريكية في استعادة الشراكة العسكرية مع أنقرة بعد أعوام من التوترات، لا سيما على خلفية ملف شراء منظومة S-400 الروسية.
تركيا كوسيط في الملفات الدولية
ويرى مراقبون أن هذه الحفاوة غير المسبوقة تعكس إدراك الإدارة الأمريكية لدور تركيا الحاسم في ملفات دولية شائكة. فأردوغان بات يُنظر إليه كوسيط مؤثر في الحرب الروسية الأوكرانية بفضل علاقاته المتوازنة مع موسكو وكييف، كما أن أنقرة ما زالت تمسك بمفاتيح أساسية في الملف السوري، فضلًا عن ثقلها السياسي في محيطها الإقليمي.
وبالنسبة لأزمة غزة، فإن جلوس أردوغان إلى جانب ترامب خلال لقائه قادة عرب ومسلمين، حمل رسالة واضحة بأن واشنطن ترى في أنقرة طرفًا يمكنه لعب دور رئيسي في التوصل إلى تسوية توقف المذبحة الإسرائيلية وتعيد إطلاق مسار سياسي جديد.
دبلوماسية مختلفة عن بقية القادة
اللافت أن الأسلوب الودود والاستثنائي الذي اتبعه ترامب مع أردوغان، يختلف عن أسلوبه المعتاد الذي اتسم بالعلو والغرور في التعامل مع قادة آخرين. فبينما عُرف ترامب بالتصرف بتكبر أمام نظرائه، بدا في هذا اللقاء متواضعًا أمام أردوغان، وهو ما فسره محللون بأنه نتاج قوة تركيا الاقتصادية والعسكرية، إضافة إلى موقعها الجيوسياسي الذي يجعلها لاعبًا لا يمكن تجاوزه.
دلالات المشهد
المشهد بكامله بدا وكأنه إعلان أمريكي غير مباشر عن إعادة الاعتبار لدور تركيا كشريك لا غنى عنه في التوازنات الدولية، وسط عالم يموج بالأزمات. ووفقًا لمراقبين، فإن تعامل ترامب مع أردوغان بهذه الحفاوة ليس مجرد مجاملة دبلوماسية، بل يعكس إدراكًا متزايدًا بأن أنقرة تمتلك مفاتيح الحلول في ملفات كبرى، من أمن الطاقة وصولًا إلى أزمات الشرق الأوسط.
التعليقات