محسن العيني .. عين البلاد وداعاً

عندما يكون السياسي مثقفاً ومحترماً وحادياً لأحلام شعبه فهو محسن العيني

من فضلك ضع خطّاً تحت كلمة محترم!

لا أقولها هنا اعتباطاً!

ثمة سياسيون مثقفون كثر لكنهم غير محترمين! .. وثمّة سياسيون بلا ثقافة وبلا احترام وهؤلاء هم الغالبية الغلباء في اليمن للأسف!

أمّا أن يكون السياسي مثقفاً ومحترماً وحادياً لأحلام شعبه فإنه _ في اليمن تحديداً _ أكثر ندرة من طائر الزمرد!

هذا رجلٌ من فئة الزعماء حقاً!

تأمل ثقة وزعامة هذا الرجل الذي يجلس إلى جوار الرئيس جون كيندي ضاحكاً وكأنه صديقٌ حميم! رغم أنه يقابل الرئيس الأمريكي لأول مرة بمناسبة تقديم أوراق اعتماده كأول سفير لليمن بعد قيام الجمهورية إثر ثورة 26 سبتمبر 1962

بعدها بأشهُر فقط كان هذا اللقاء في إبريل 1963

وكان جمال عبدالناصر وبعد حوارات طويلة أقنع كيندي بالاعتراف بالجمهورية اليمنية الوليدة رغم ضغوط المحور الإمامي الملكي حينها! وقبل أن يتم اغتيال الرئيس كيندي بعدها بأشهُر!

ثمة معالم زعامة من نوعٍ ما رافقت محسن العيني منذ يفاعته ودراسته وخلال أدواره السياسية بعد ذلك

تأمّل معي على سبيل المثال :

تأثيره التثويري الكبير على زملائه فتيان بعثة الأربعين في بيروت والقاهرة كحادي للبعثة يحمل مشعل القافلة!

ولأنه حادي بالمعنى التنويري والتثويري والتغييري فقد أصبح:

أوّل وزير خارجية بعد قيام الجمهورية

وأوّل صوتٍ جمهوري يصدح بين جنبات الجمعية العامة للأمم المتحدة

وأوّل مندوب للجمهورية في الأمم المتحدة

وأوّل سفير للجمهورية في واشنطن

وأوّل سياسي يمني تقلد رئاسة مجلس الوزراء 5 مرات!

وأوّل سياسي يمني وقّع على أوّل اتفاقية لتوحيد شطرَي اليمن سنة 1971

وأوّل رئيس حكومة حاول بقرار أن يمنع القات في اليمن!

في التسعين من عمره المضيء غادر محسن العيني دنيانا اليوم .. رحمة الله تغشاه

غادرَنا طفل قرية الحمامي بني بهلول خولان الطيال ..

غادرَنا طفل مدرسة الأيتام وكدمتها اليابسة!

غادرَنا طفل بيروت وفتى القاهرة ونضوج التجربة والرجولة في واشنطن وباريس وموسكو

غادرنا السياسي العتيد في أصعب ظرفٍ تعيشه بلاده منذ عقود

لكنّ الأرجح أن رجُل التجربة الطويلة والثقافة والمعرفة والإدارة ورغم أحزانه غادر هانئاً واثقاً بأن مايحدث لبلاده وجمهوريته وفيها هو هنيهة عابرة في حساب الزمن .. مجرد حفرة مفاجئة على طريقٍ طويلٍ وممتد!

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية