هل أصبحت سقطرى اليمنية محطة استعمار مشتركة بين الإمارات وإسرائيل؟

في ظل تصاعد التوتر في البحر الأحمر، الشريان الإستراتيجي الواقع بين شمال شرق إفريقيا وشبه الجزيرة العربيّة، نتيجة استهداف الحوثيين لسفن إسرائيلية تضامناً مع الشعب الفلسطيني، الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي في قطاع غزة، تدخل القواعد الاستخباراتية الإسرائيلية التي أنشأتها بتسهيل إماراتي في أرخبيل سقطرى على خط التطورات، وكذلك القوات المدعومة من دولة الإمارات العربية المتحدة، المستعدة لمواجهة الهجمات لجماعة الحوثي ضد المصالح الإسرائيلية في البحر الأحمر.

فقد كشف المركز الإيطالي للدراسات السياسية، قيام إسرائيل استخدم قواعدها الاستخباراتية في أرخبيل سقطرى اليمنية، الخاضعة لجماعات مسلحة كالمجلس الانتقالي ذراع الإمارات في اليمن، لرصد هجمات الحوثيين مؤخراً من جزيرة سقطرى.

 

استقدام إسرائيل

بعد انكشاف أهداف دخول الإمارات ضمن تحالف عسكري تقوده السعودية في اليمن، المتمثل في السيطرة على الموانئ والسواحل وفرض سيطرتها الكاملة عبر مليشيات تدين لها بالولاء، وبعد تطبيع علاقاتها مع "إسرائيل"، أضافت أبوظبي وتل أبيب الطابع الرسمي على أول مشروع استعماري مشترك بينهما في الشرق الأوسط، وهو استقدام الإمارات إلى جزيرة سقطرى اليمنية.

ومنذ أواخر أغسطس / 2020، بدأ إنشاء الإمارات و"إسرائيل" بنية تحتية لجمع المعلومات الاستخبارية في جزيرة سقطرى اليمنية، عبر توقيع مؤسسة "خليفة" الإماراتية والهلال الأحمر الإماراتي عقداً مع الشركات الإسرائيلية "يوسي أبراهام" و"ميفرام" لتوسيع مطار "حديبو" الذي تستخدمه الإمارات والقوات الأمنية الإسرائيلية في عمليات الاستخبارات البحرية والجوية"

وفي نفس العام ذكرت منظمة "ساوث فرونت" الأمريكية بأن "إسرائيل" والإمارات العربية المتحدة تنشئان بنية تحتية لجمع المعلومات الاستخبارية العسكرية في جزيرة سقطرى اليمنية، وتحويل جزيرة سقطرى إلى مركز استخباراتي".

 

أطماع إمبريالية إماراتية لصالح إسرائيل

الشراكة الأمنية بين إسرائيل والإمارات في أرخبيل سقطرى اليمنية، تمنح تل أبيب فرص هائلة، في ظل التصعيد الجاري في البحر الأحمر ومضيق باب المندب من قبل الحوثيين ضد السفن الإسرائيلية، وتتمثل في عمليات مراقبة السفن وحمايتها، وتحديد التهديدات القادمة من الحوثيين ضد المصالح الإسرائيلية في البحر الأحمر.

ويظهر اهتمام الإمارات بسيطرتها على مناطق محدودة باليمن من أجل بسط نفوذها على البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن، وعلى أهم ممر يربط البحر العربي بالأحمر وهو مضيق باب المندب، الذي يشرف على أهم الطرق الدولية التي تصل شرق العالم بغربه، والقريب أيضاً من جزيرة أرخبيل سقطرى، لصالح الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة، عبر دعم قوات تتمركز في المخا والشريط الساحلي الجنوبي  بقيادة "طارق صالح".

وكان لافتاً تضرر "إسرائيل" من استهداف الحوثيين لسفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، حيث نشرت هيئة البث الإسرائيلية أن إسرائيل ستشكل قوات أمن بحرية مع عدد من الدول الحليفة، من خلال تحالف عسكري دولي لمنع المحاولات الإيرانية لإغلاق مضيق باب المندب على البحر الأحمر عبر حلفائها الحوثيين في اليمن.

ومن جانب آخر صرح مستشار الأمن القومي جيك سوليفان إن الولايات المتحدة تجري محادثات نشطة مع الحلفاء حول تشكيل فرقة عمل بحرية لمرافقة السفن التجارية في البحر الأحمر.

جاء ذلك بعد إعلان الحوثيين تنفيذ "عملية استهداف لسفينتَيْن إسرائيليّتَيْن في باب المندب"، موضحين أن ذلك أتى على خلفية العدوان الإسرائيلي على غزة.

وكان الحوثيّون هدّدوا باستهداف السفن الإسرائيليّة في البحر الأحمر، قبل أن يوسّعوا الأسبوع الماضي نطاق تهديداتهم لتشمل السفن التابعة لحلفاء إسرائيل أثناء عبورها مضيق باب المندب.

 

أدوات الإمارات في خدمة إسرائيل

عقب إعلان اتفاق التطبيع الإماراتي "الإسرائيلي" سارع المجلس الانتقالي المدعوم من دولة الإمارات، لإعلانه تأييد تلك الخطوة، الذي قال إن اتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل "يعد قراراً شجاعاً، وأنهم على استعداد لتطبيع العلاقات مع إسرائيل بعد حصولهم على دولتهم المستقلة".

وبعد التطورات الراهنة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، قدَّم المجلس الانتقالي (الانفصالي) نفسه بأنه من الممكن أن يلعب دورا بالتعاون مع المجتمع الدولي، حال تقديم الدعم المناسب له وتأهيل القوات التابعة له.

وكشفت صحيفة "نيزافيسيمايا" الروسية، أن هناك مساعي جدية من الإمارات والولايات المتحدة لتسليح الفصائل المدعومة من أبو ظبي في اليمن لمواجهة عمليات الحوثيين في البحر الأحمر ضد السفن الإسرائيلية.

وذكرت الصحيفة أن البنتاغون قد يجهز المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات طارق صالح بالأسلحة، للمساعدة في وقف تحركات الحوثيين في مضيق باب المندب.

ومن جانبها كشفت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، إن خطة الإمارات هي تعزيز حلفائها "المجلس الانتقالي الجنوبي" و"قوات طارق صالح".

 ويحذر العديد من المراقبين من تسليح المليشيات بزعم حماية الملاحة البحرية، ففي تصريح لموقع" المهرية" يقول الأكاديمي اليمني "إسماعيل أحمد": هناك مخاوف موجودة من تسليح أي كيان عسكري لا يرتبط بالحكومة اليمنية، ولديه مشاريع انفصالية، ومشاريع إقامة إمارات أو كنتونات منعزلة عن المناطق اليمنية، مما يؤدي إلى تشظية اليمن، وتقسيمه وتوزيعه، وهذا خطير جدا على اليمن".

ويتابع: "يؤكد الحادث الأخير في البحر الأحمر على الأهمية الاستراتيجية للممرات المائية قبالة شواطئ اليمن والجزر الواقعة فيها التي تحكم الإمارات على أغلبها، والان تريد الاستفادة من الحادث عبر تسليح أدواتها عبر الولايات المتحدة بحجة حماية الملاحة البحرية".

مع التطورات الأخيرة في البحر الأحمر، بسبب التداعيات الإقليمية لحرب غزة، برزت أهمية أرخبيل سقطرى، التي تهيمن الإمارات عليها عبر أدواتها، وعلى أهمية تلك الجزر التي تمثل نقطة اشتعال جيوسياسية مهمة في الشرق الأوسط.  

وبسيطرة الإمارات على جزيرة سقطرى وميون، فإن ميون وأرخبيل سقطرى يوفران نقطة انطلاق مهمة تجاه العديد من المسارح الاستراتيجية، وسيكون لمستقبل جزر اليمن تداعيات كبيرة على المنافسات الاستراتيجية داخل منطقة الشرق الأوسط وخارجها، وسيؤدي استمرار السيطرة الأجنبية عليها إلى تواصل هدف الإمارات بتفتيت اليمن، التي ظهرت أنها "لاعب عدائي" في المنطقة.

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية